glal
المساهمات : 85 تاريخ التسجيل : 18/09/2011
| موضوع: غيرة الله وغيرة المؤمن الأحد سبتمبر 18, 2011 8:50 pm | |
| غيرة الله وغيرة المؤمن
الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد: في هذا الدرس نقف مع حديث من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- التي تتحدث عن غيرة الله من الفواحش والحرمات يقع فيها الإنسان، ثم نتطرق إلى شيء من بيان معانيه وشرحه، واستخلاص الفوائد منه. نص الحديث: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه).1 أولاً: معاني المفردات: قوله: (إن الله يغار) هذه صفة من صفات الله تعالى وهي الغيرة على محارمه، وهذه الصفة من الصفات الفعلية لله تبارك وتعالى التي لا يجوز تأويلها أو تفويض معناها، بل إن معنى الغيرة معروف وكيفيتها بحق الله مجهولة، وقد أولها الأشاعرة بأنها منع الله تعالى الناس من الفواحش..! والصحيح أن هذا من لوازم الغيرة وليست هي. والأسلم للإنسان اتباع منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين في مثل هذه الأمور، فإن عالم الغيب لا يجوز التدخل فيه بالعقل الضعيف.. ومعلوم أن الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعون من أهل العلم وكبار أئمة الدين لم يتأولوا مثل هذه الصفات، بل أجروها على ظاهرها، وأوكلوا كيفيتها لباريها.. ولهذا قيل من أدخل عقله في عالم الغيب وما وراء الحجب احترق.. وإنما وقع التأويل والتعطيل بعد القرون المفضلة. ولا يسع المسلم إلا التسليم للأخبار الغيبية وعدم تأويل شيء منها. قوله: (وإن المؤمن يغار) الغيرة في حق الآدمي: مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين. وقال النووي: "قال العلماء: الغيرة بفتح الغين وأصلها المنع، والرجل غيور على أهله أي يمنعهم من التعلق بأجنبي بنظر أو حديث أو غيره، والغيرة صفة كمال".2 أحاديث بهذا المعنى: عن المغيرة -رضي الله عنه- قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (تعجبون من غيرة سعد، والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ومن أجل ذلك وعد الله الجنة).3 وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ليس شيء أغير من الله عز وجل).4 وقال -صلى الله عليه وسلم- عندما كسفت الشمس: (يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا).5 شرح الحديث: بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله تعالى يغار، وقد فسرت الغيرة بلازمها هنا فقال: (وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه) أي من الفواحش وسائر المنهيات. وأن المؤمن يغار على أهله وحريمه، والإنسان المسلم في هذه الغيرة لا بد أن يسلك السبيل الوسط، فلا شكوك في أهله ولا يترك لهم الأمور كما يريدون.. وقد ذكر أبو حامد الغزالي كلاماً نحو هذا يدل على ضرورة التوسط في الغيرة والاعتدال فيها.. فقال: "الاعتدال في الغيرة: وهو أن لا يتغافل عن مبادئ الأمور التي تخشى غوائلها، ولا يبالغ في إساءة الظن والتعنت وتجسس البواطن، فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتبع عورات النساء، وفي لفظ آخر: أن تبغت النساء. ولما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سفره قال قبل دخول المدينة: (لا تطرقوا النساء ليلاً)6 فخالفه رجلان فسبقا، فرأى كل واحد في منزله ما يكره. وفي الخير المشهور: (المرأة كالضلع إن قومته كسرته، فدعه تستمتع به على عوج)7 وهذا في تهذيب أخلاقها. وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل، وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة)8 لأن ذلك من سوء الظن الذي نهينا عنه، فإن بعض الظن إثم. وقال علي -رضي الله عنه-: "لا تكثر الغيرة على أهلك فترمي بالسوء من أجلك". وأما الغيرة في محلها فلا بد منها وهي محمودة. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تعالى يغار والمؤمن يغار، وغيرة الله تعالى أن يأتي الرجل المؤمن ما حرم الله عليه)9 وقال عليه السلام: (أتعجبون من غيرة سعد وأنا والله أغير منه والله أغير مني، ولأجل غيرة الله تعالى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ولذلك بعث المنذرين والمبشرين ولا أحد أحب إليه المدح من الله ولأجل ذلك وعد الجنة).10 وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رأيت ليلة أسري بي في الجنة قصراً وبفنائه جارية؛ فقلت لمن هذا القصر؟ فقيل لعمر؛ فأردت أن أنظر إليها فذكرت غيرتك يا عمر) فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله!".11 وكان الحسن يقول: أتدعون نساءكم ليزاحمن العلوج في الأسواق قبح الله من لا يغار!! وقال عليه الصلاة والسلام: (إن من الغيرة ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله، ومن الخيلاء ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله ، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة، والاختيال الذي يحبه الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة،والاختيال الذي يبغضه الله الاختيال في الباطل)12 وقال عليه الصلاة والسلام: (إني لغيور، وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب)13، والطريق المغني عن الغيرة أن لا يدخل عليها الرجال وهي لا تخرج إلى الأسواق. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة عليها السلام: (أي شيء خير للمرأة؟) قالت: أن لا ترى رجل ولا يراها رجل، فضمها إليه وقال: (ذرية بعضها من بعض)14 فاستحسن قولها. وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسدون الكوى والثقب في الحيطان لئلا تطلع النسوان إلى الرجال. ورأى معاذ امرأته تطلع في الكوة فضربها، ورأى امرأته قد دفعت إلى غلامه تفاحة قد أكلت منها فضربها. وقال عمر رضي الله عنه: أعروا النساء يلزمن الحجال، وإنما قال ذلك لأنهن لا يرغبن في الخروج في الهيئة الرثة. وقال عودوا نساءكم "لا"، وكان قد أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للنساء في الحضور المسجد والصواب الآن المنع إلا العجائز،15 بل استصوب ذلك في زمان الصحابة حتى قالت عائشة -رضي الله عنها-: "لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثت النساء بعده لمنعهن من الخروج" ولما قال ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)16 فقال بعض ولده: بلى والله لنمنعهن فضربه وغضب عليه وقال: تسمعني أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا فتقول بلى!" وإنما استجرأ على المخالفة لعلمه بتغير الزمان، وإنما غضب عليه لإطلاقه اللفظ بالمخالفة ظاهراً من غير إظهار العذر. وكذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم قد أذن لهن في الأعياد خاصة أن يخرجن إلا برضا أزواجهن. والخروج الآن مباح للمرأة العفيفة، ولكن القعود أسلم. وينبغي أن لا تخرج إلا للمهم، فإن الخروج للنظارات والأمور التي ليست مهمة تقدح في المروءة وربما تفضي إلى الفساد، فإذا خرجت فينبغي أن تغض بصرها عن الرجال، ولسنا نقول إن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه، بل هو كوجه الصبي الأمرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط، فإن لم تكن فتنة فلا، إذ لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات ولو كان وجوه الرجال عورة في حق النساء لأمروا بالتنقب أو منعن من الخروج إلا لضرورة".17 والله أعلم. 1 رواه البخاري ومسلم، واللفظ له. 2 شرح النووي على مسلم - (ج 5 / ص 268). 3 رواه البخاري ومسلم. 4 رواه مسلم. 5 رواه البخاري ومسلم. 6 رواه الحاكم والطبراني والدارمي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة. 7 رواه البخاري ومسلم، ولفظ البخاري: (المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج). 8 رواه النسائي وابن حبان بنحو من هذا، وحسنه الألباني. 9 سبق تخريجه. 10 سبق تخريجه بلفظه. 11 رواه البخاري ومسلم، بنحو من هذا. 12 رواه النسائي وابن حبان، وحسنه الألباني. 13 رواه الطبراني في المعجم الأوسط بلفظ: (إني لغيور والله أغير مني، وإن الله يحب من عباده الغيور). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد جزء 4 - صفحة 600 : "رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن الفضل بن عطية، وهو متروك". 14 قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء جزء 2 - صفحة 53 : "رواه البزار والدارقطني في الأفراد من حديث علي بسند ضعيف". 15 هكذا قال الغزالي..! والصحيح عدم المنع إلا لفتنة متعلقة بكل امرأة على حدة، فمن كانت تخرج بالصفات الشرعية المعروفة فليس هناك وجه لمنعها، بل قد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن منع النساء من الذهاب إلى المساجد، وإذا حصلت فتنة عامة أو خاصة فيجب منعهن.. أما إطلاق الحكم بمنع الشابات فهذا مخالف لأمر الشرع، وإذا كان قد وقع بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- فتن فلا يمنع ذلك الحكم الشرعي. 16 رواه البخاري ومسلم. 17 إحياء علوم الدين - (ج 1 / ص 398) | |
|
شاكر
المساهمات : 544 تاريخ التسجيل : 16/03/2012
| موضوع: رد: غيرة الله وغيرة المؤمن الثلاثاء يوليو 17, 2012 2:35 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابدعت وسلمت يمناك يالطيب دمت لنا بود وفى انتظار جديدك | |
|
شاكر
المساهمات : 544 تاريخ التسجيل : 16/03/2012
| موضوع: رد: غيرة الله وغيرة المؤمن الإثنين أكتوبر 22, 2012 1:34 am | |
| | |
|